الأحد، 25 ديسمبر 2011

أركان السعادة الزوجية:

أركان السعادة الزوجية:
(الهدوء- الوقت- اليسر) تساهم هذه الكلمات في تحقيق السعادة الزوجية، وكثيرة هي الشكوى التي نجدها من الأزواج، من افتقاد أحد الزوجين هذه الصفة، مما يؤثر بالسلب على صفو الحياة الزوجية، وفي هذا المقال سنوضح معاني الثلاث كلمات وأثرها في نشر السعادة بين الزوجين.
هدوء إلى آخر العمر:
(لاشك أن لكل إنسان صوته المختلف، ومزاجه الخاص، وأسلوبه المتميز في التعامل مع الآخرين، وأنا هنا لا أريد أن تغير طريقة حديثك، إنني أقترح عليك فقط أن تفكر في كيفية استقبال الآخر لصوتك، وتحاول بذل بعض الجهد لخفض صوتك لتكون أكثر هدوءًا، وسترى التغييرات الطيبة التي ستطرأ على علاقتك بشريك حياتك، ورغم أنني لا أرى نفسي مثالًا طيبًا، إلا أن أفضل طريقة للتعامل مع شريكة حياتي حين تكون ثائرة هي: أن أهدأ أنا أولًا، والهدوء يبدأ من الصوت، وهذا يؤدي إلى مشاعر وتصرفات أهدأ.
وهكذا أخي الزوج/ أختي الزوجة، إذا أردت أن يتصرف شريك حياتك بهدوء، فعليك ألا تميل للصراخ والتصرف بجنون، إننا إذا أردنا أن يهدأ الآخر، ويستمع إلينا، فإن أفضل ما يمكننا عمله هو أن تخفض من صوتنا نحن، وعندها سنفاجأ بالقدر الكبير من الانتباه والاحترام اللذين يبديهم الآخر تجاهنا) [لا تهتم بصغائر الأمور في أسرتك، ريتشارد كارلسون].
مثال عملي:
يقف الزوج منتظرًا زوجته في المكان والموعد الذي اتفقا عليه مسبقًا، وتأخرت الزوجة كثيرًا، ثم إذا بها تأتي وهي تسير بسرعة نحوه منزعجة من رد الفعل الذي قد يقابلها به، لقد توقعت أن يكون زوجها في حالة شديدة من الغضب، وأن يقوم بتعنيفها ولومها، ولكن الزوج بذكائه وحصافته اختار أن يكون هاديًا بدلًا من العصبية والسخط، وبدا عليه علامات الحنان، ومن ثم كان رد الفعل من الزوجة، هو الاعتذار، وأكدت له أنها تشعر بحرج شديد لأنها تركته ينتظر كل هذا الوقت.
فلننظر إلى هذا المثال بعين الاعتبار الذي كان من الممكن أن يتحول إلى صراع بين الزوجين، أصبح هذا الموقف تدعيمًا لأواصر المودة والرحمة بين الزوجين.
الوقت السعيد بين الزوجين:
(الوقت العائلي، تلك المشلكة الكبرى التي نعاني منها جميعًا في زماننا هذا، الكل يشتكلي من قلة جلوسه مع زوجته وأبنائه، والمشكلة ليست في قلة الوقت بقدر ما هي في سوء إدارته، وعدم إعطاء البيت أهمية في جدول الأعمال، ولهذا نؤكد على المتزوج بخاصة أن يراجع نفسه كثيرًا قبل أن يقول: لشيء "نعم أنا موافق" فهناك أمور ثابتة في حياة كل إنسان لابد من المازنة بينها، وهي أوقات العلم وأوقات العمل، وأوقات الأمور المنزلية، وتكاليف الحياة، وأوقات الأمور الشخصية والهوايات، وأوقات الأهداف المرحلية للشخص، والأوقات الخاص للزوجة والأولاد.
وحسن التخطيط المبكر، والتفويض في بعض الأعمال، وتقدير الأولويات ووضوح الهدف من الأمور المعينة على حسن استغلال الوقت وإدارته، ومن قال إنه دائمًا مشغول، فذاك شخص غير منظم) [الحروف الأبجدية في السعادة الزوجية، جاسم محمد المطوع، ص(55)، بتصرف].
أيها الأزواج:
سؤال هام يجب أن يسأله كل واحد منكما إلى نفسه (ماذا أصنع خلال الأربع والعشرين ساعة؟ وهل تتسع لكل ما ترغب في أن تصنعه خلالها؟ أم أنكما، كالكثيرين والكثيرات الذين يشكون دائمًا من أنه ليس لديهم وقت للقراءة، أو لاصطحاب الأولاد في نزهة، أو لغير ذلك مما تحب وتحبين؟
إن الفكرة المسيطرة على أكثر الأزواج أنهم مزدحمون بالعمل، هي في الحقيقة فكرة جديرة بالاختبار حقًا، ولو أن كل زوج وزوجة درسا معًا ما يقوما به، وما ينفقا فيه وقتهما لمدة أسبوع واحد لأدهشتهم النتيجة.
جرب بنفسك، وجربي بنفسك، دوِّنا ما تصنعانه في خلال ساعة من ساعات اليوم لمدة أسبوع واحد، وستذهلكما النتيجة.
من الساعة العاشرة إلى العاشرة والثلث حوار تليفوني مع أحد الأصدقاء، من الساعة الواحدة إلى الساعة الثانية "دردشة" مع الجارة، ومن الساعة الخامسة إلى الساعة الثامنة، مرور على المحلات مع عدم توفر نية الشراء.
فإذا عرفتما أيها الزوجان الثغرات التي تستنفذ منكما الوقت في غير طائل، فحاولا معًا سد هذه الثغرات، واعلما أن الإسراف في الوقت أبلغ ضررًا من الإسراف في المال، ذلك أن المال في الوسع تعويضه، أما الوقت فلا يمكن تعويضه، ومن هنا وجب عليكما أن تجعلا للوقت ميزانية تنفقانه على أساسها، وابتدعا وسائل لاختصار الوقت.
إن كلًا منكما يستيقظ من نومه كل صباح، وبجعبته أربع وعشرين ساعة هي جزء من حياته، وهي أغلى ما يملك، فهل يعيش كل منكما الأربع والعشرين ساعة؟ وعندما أقول يعيش فإنما أعني العيش الحق لا مجرد الوجود أو الانسياق مع التيار وكم منا ظل يقول لنفسه طول حياته "سوف أفعل هذا أو ذاك عدما أجد لدي وقتًا) [ادفعي زوجك إلى النجاح، دورثي كارنيجي، ص(152-155)].
أخي الزوج/ أختي الزوجة:
إن ما نريده من تغيير لواقع حياتنا، وعلاقتنا بشريك الحياة، ذلك كله يحتاج إلى وقت قبل المحاولة ووقت أثنائها، ووقت لمراجعة ما استطعنا تغييره.
يسروا ولا تُعسروا:
قاعدة وضعها النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل بين الناس (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا) [رواه مسلم]، فاليُسر هو من آكد الأمور التي تساعد الزوجان على جعل حياتهما الزوجية أفضل، وتحفها المودة والرحمة من كل مكان.
فإن الحياة الزوجية بها مواقف شدة، ومنعطفات تحتاج من الزوجين أن يتصرفا فيها بحكمة ويخفضا جناح الذل لبعضهما، فالزوج قد يتعرض لضائقة مالية، فهنا تحتاج الزوجة إلى أن تكون سهلة في التعامل مع زوجها (فلذا ينبغي أن يكون الطرف الآخر سواء الزوج أو الزوجة، سهلًا في التعامل، لينًا في الكلام، قريبًا في المشاعر حتى يستطيع أن يستوعب الآخر، وتهدأ العاصفة وتنتهي المشكلة، لأن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نُزع من شيء إلا شانه، وكم من مشكلة زوجية كانت كبيرة ومعقدة، ولكن الرفق سهَّلها وبسطها وصغرها، وكم من مواقف زوجية بدأت بعناد وغضب وصراخ، ولكن اليسر واللين كان هو الدواء الشافي لهذه المواقف، وكم سمعنا عن أزواج بعد حياة زوجية طويلة يشكرون زوجاتهم على صبرهن عليهم، وكم سمعنا من زوجات يشكرن أزواجهن على حلمهم وسهولتهم في استيعاب غضبهن وشدتهن، فالحياة الزوجية كلها مواقف إما لك وإما عليك، والذكي هو من أعد عدته الخاصة للتعامل مع هذه العواصف الطارئة على سفينة الزواج، وخير أنواع العدة، اليسر واللين والرفق) [الحروف الأبجدية في السعادة الزوجية، جاسم محمد المطوع، ص(57)، بتصرف يسير].
ماذا بعد الكلام؟
ـ أخي الزوج/ أختي الزوجة، قد تكون الحياة على غير ما تحب في هذه اللحظة التي تعيشها الآن، فيا حبذا لو اخترت الهدوء بدلًا من الغضب، ولا يعني ذلك بالطبع أن تتغاضى عن السلوك الخطأ وإنما يعني ببساطة أنك قررت أن تسلك السبيل الأفضل لعلاقة زوجية قوية ومستقرة.
ـ ليحرص كل منكما على توفير وقتًا لقضاء وقتًا ممتعًا مع شريك حياته، ما أجمل أن يحدد الزوجان موعدًا أسبوعيًا للخروج في نزهة.
ـ ليكن شعاركما في الحياة الزوجية اللين والرفق، ولتكن أيها الزوج الفاضل رفيقًا حنونًا مع زوجتك وانظرا أيها الأزواج إلى حال حبيبكم المصطفى صلى الله عليه وسلم مع زوجاته وحال زوجاته معه، (فلقد كان صلى الله عليه وسلم يغتسل مع زوجته من إناء واحد، وفي مكان واحد فتقول له: دع لي، ويقول لها: دعي ليوهو امتزاج جسدي نفسي بين الزوجين متمِّم لما كان قبله من التقاء وامتزاج، وملاطفة بريئة هادئة (دع لي، ودعي لي)والله عز وجل قد مدح حبيبه في لينه ورفقه مع الناس فقال سبحانه {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل: عمران: 159].
 وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن الرفيق الرحيم أحق الناس برحمة الله عز وجل كما في الحديث : (الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى،ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) [صححه الألباني في  صحيح الجامع (3522)]) [نصائح للعرسان، محمد سعيد درويش، ص(106)، بتصرف].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق